القائمة الرئيسية

الصفحات

" التحسين المستمر أفضل من الكمال المؤجل "

أنت لست موظف، أنت واحد من عائلتنا !!!

"من أكثر ما يميز شركتنا أننا نعتبر فريق العمل هو عائلة كبيرة ونتعامله معه على هذا الأساس!! "

هذه العبارة تكاد تسمعها في أي مقابلة عمل ، فما قصتها ؟ وماحقيقة هذه العائلة؟

 وكيف يتم التعامل حقاً مع أفرادها؟ وكيف يتم التعامل مع الأخطاء بين أفرادها؟

 ولماذا انتشرت في الفترة الأخيرة وأصبحت تسمعها على لسان الكثير من الشركات ؟

كل هذه النقاط وأكثر سنمر عليها ضمن هذه التحسينة …..

قد تعرّض عالم الأعمال وثقافة أصحاب العمل لكثير من التغييرات والتحسينات خلال العقد الأخير، وكانت وتيرة هذه التغييرات على مستوى ثقافة الأعمال أسرع خلال جائحة كورونا حيث أن الكثير من الشركات وقيادات الأعمال أدركوا أهمية فريق العمل وأن الرأس المال الحقيقي يكمن في " من يعمل معك؟ " وأن الحفاظ على العملاء الداخليين-الموظفين- لاتقل أهمية عن الحفاظ على  عملاء الشركة الخارجيين – الزبائن.

وتكون هذه الإدراكات بالإضافة للعديد من التجارب التي خاضتها الكثير من الشركات خلال فترة الأزمة في محاولة للحفاظ على الموظفين وبناء فريق عمل متمكن ومتماسك  ولديه ولاء عالي للشركة ، كل هذا أدى لانتشار مثل هذه التعبيرات التي تحاول الشركة من خلالها التعبير عن رؤيتها لقيمة فريق العمل وأهمية بالنسبة لها فتكرر على مسامعنا عبارات من فئة :

" انت واحد من عيلتنا ، الموظف هو ابننا ، نحن هون مو موظفين نحن عائلة وحدة، نحن منكبر وبتكبر معنا ..... وغيرها الكثير من هذه الجمل الإنشائية الجميلة التي يكون من السهل ترديدها لكن القليل هم من يتبعوها بتطبيق لتكون واقع في بيئة العمل ..

وفي هذه التحسينة وحديثنا  حول أهمية فريق العمل ، وأن نجاح الفريق هو نجاح لجميع أفراد الفريق وفشله هو فشل لجميع أفراد الفريق  يراودني سؤال مهم سأشارككم به من خلال الافتراض التالي  :


لنفترض أنك كنت من أعضاء هذا الفريق ، وقمتُ بكل ما هو موكل إليك وأكثر . لكن كان في الفريق عنصر أو اثنين لم يقومها بعملهما بالجودة المطلوبة ، مما أدى إلى فشل الفريق في تحقيق التارغت في النهاية .

السؤال هو :  

لماذا يُعتبر هذا الفشل فشلاً فردياً لك وللأعضاء الذين لم يُقصرِّوا ؟! لماذا يتم تجاهل جهدك  بسبب أخطاء موظقين آخرين ؟!

أنوقع أن البعض سيقدم لك جواب تقليدي جداً :     " نحن فريق ، نحن عائلة واحدة !! ، نكسب معاً ونخسر معاً " !!

لا ياصديقي ….أنا أفهم أننا كفريق خسرنا معاً لأننا لم ننجز ما طُلِب منَّا . لكن لا تتوقف هنا وتجيب بهذه البساطة و لابد من البحث العميق عن الأسباب لنفهم أين كان الخلل ويتم حساب الجزاء للأفراد على ضوء ذلك . لا أن يُعتبر هذا الفشل فشلاً لكل فرد في الفريق . من الخطأ تفريق دمّ الفشل بين القبائل بشكل يسمح للمتسببين في هذا الفشل  بالهروب من المسؤولية"

" قاعدة قضائية إدارية :  تتناسب المسائلة مع قدر المسؤولية "
ولذلك برأيي هناك مقترح أفضل وأكثر عدلاً :

يجب  أن يُحاسب من قصَّر . وفي رأيي أن مدير الفريق ينبغي أن يكون أول من يُحاسب على تقصيره ( وفي حال لم يكن هناك هيكل إداري في الشركة فاللّوم  يكون على مدير الشركة )  فهو الذي يوكل المهام ويتابعها ، وكان المُفترض منه أن يتابع وأن يرى الخلل في بدايته ، وأن يُحاسب المُقصِّرين قبل أن يستفحل الأمر ، فيفشل كامل الفريق . فقبطان السفينة الذي لا يمنع خرق بعض البحَّارة للسفينة هو أول من يتحمل المسؤولية . وأمَّا البحَّارة الآخرون المجتهدون فلا ملامة عليهم حتى وإن غرقت السفينة. .

من المفهوم أن يتحمل صاحب العمل أو المدير مسؤولية الفشل أو الخطأ ، وهذه المسؤولية هي مسؤولية أخلاقية بالدرجة الأولى. ولذا نحن نسمع ونرى مسؤولين كبار أحياناً يستقيلون طواعية بسبب خطأ أو فشل تسبب به موظف صغير . لأنهم يتحملون مسؤولية أخلاقية عن هذا الخطأ بوصفهم على رأس الهرم . لكن هذا لا يعفي المسؤول المباشر عن ذلك الموظف ، ولا الموظف نفسه عن مسؤوليته المباشرة عن الخطأ تحت زعم أنَّه خطأ الجميع أو الفريق.

الخلاصة : 

الفريق الذي لا يشرف عليه مدير أو قائد حكيم ومحترف وقادر على فهم النفس البشرية بقوتها وضعفها ليس بفريق حقيقي ، ولا قائده بالقائد الحقيقي . ولا ينبغي معاقبة أفراده الجيدين بسبب سوء إدارة قائدهم أو تقاعس الأعضاء الآخرين ، لأنهم في الحقيقة ليسوا بفريق!

وما دفعني لكتابة هذه التحسينة إلا أني قد شهدت عدداً غير قليل من الحالات التي لم يكن القائد أو صاحب العمل على قدر المسؤولية في شأن أخطاء كان له دور جوهري في حدوثها، وكان من سوء تصرفه أن صب اللوم كاملا على الفريق، وضحى بهم لحماية نفسه وكبرياءه !! ولكن بالطبع هو الخاسر الأكبر.

للفريق قلب واحد وروح واحدة وعقل واحد . يعمل الجميع بذات الحماس والطاقة باتجاه الهدف النهائي في ظل رؤية واضحة ومهام محددة يضعها القائد . من دون كل هذا لن يكون هناك فريق ، ولا يمكن أن توصف هذا الفريق بالعائلة الكبيرة حتى وإن اجتمع أفراده في غرفة واحدة طوال سنة !!

روح الفريق مسؤولية . والقيادة مسؤولية .  ومن الجيد أن يدرك و يتحمل القائد المسؤولية الأخلاقية ، لكن الأهم من ذلك ، أن يتم كشف التقصير والمسؤولية المباشرة لأفراد الفريق ، وأن لا يتحملها فريق العمل بكامله ..

أسعد بمشاركتكم وتعليقاتكم 




 

 

 

 

أنت الان في اول موضوع

تعليقات