وفقاً
لدراسة أجرتها شركة "بي دبليو سي(PwC) فإن 83% من أصحاب العمل الذين شملهم
استقصاء للرأي قالوا إن التحول إلى العمل عن بُعد بسبب جائحة كوفيد لاقى نجاحاً ملموساً في
شركاتهم، . كما
بينت الدراسة ايضاً أن 54% من الموظفين قد أبدوا
الرغبة في مواصلة العمل عن بُعد عقب انتهاء الجائحة.
نعم وهذا هو البعد الآخر للمرونة في العمل التي يبحث عنها الموظفون وهي
حرية تحديد موعد بدء وانتهاء العمل
إن فرضية
"مراقبة الموظفين" أي أنه لابد من رؤيتهم يعملون من أجل الشعور بأن
العمل يسير على مايرام هذه الفرضية التي تقول بأن الإنتاجية تستلزم رؤية الموظفين وهم
يؤدون أعمالهم في الحقيقة هي فرضية باتت في معايير الأعمال اليوم فرضية معوقة
ومغلوطة حيث يتزايد الإقبال على استخجام التكنولوجيا والأتمتة لإنجاز الأعمال وهذا
مايصعب مراقبتها أصلاً ولذلك يتعين على الشركات التفكير بعمق في معنى أن تكون جزء
من هيكل العمل الحديث الذي يتوافق مع الاقتصاد الرقمي المعاصر ففكرة مراقبة الموظف
يدخل للعمل في التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءاً هي فكرة ليست مفيدة في واقع هذا
الاقتصاد المتقدم رقمياً .
إن ثقافة
العمل عن بعد تتسع وستكون هي الطريقة التي تسير عليها الأمور في المستقبل القريب
وأعتقد أن الشركات التي لا تتقبل هذه الثقافة ستكون في وضع منافسة حاد لاستقطاب
أصحاب الخبرات والمواهب لأنه سيكون لدى الموظفين خيارات أخرى وهم في الأصل يرغبون
بالعمل بهذه الطريقة وترتفع توقعاتهم في الحصول على المزيد من المرونة في كيفية أداء
عملهم ومكانه وزمانه .
لابد أن ندرك بأن أفضل المواهب والخبرات تتوقع هذه المرونة في اختيار طريقة عملها
إذاً:
كيف يمكن للشركات أن تحافظ على الإنتاجية والإنجاز مع انتقالها للعمل عن بعد ؟
هاهنا
أشارك معكم عدة استراتيجيات تحسينية من واقع العمل لابد من اتباعها لتحقيق نتائج
أفضل :
·
البداية من أعلى الهرم :
لايكفي في ثقافة العمل عن بعد موافقة القيادة العليا
فحسب على هذا الأسلوب بل لابد من أن تكون
هذه القيادات قدوة يُحتذى بها في العمل عن بعد وعلى العكس فإن نقص هذا الدعم من
القيادات قد يُضعف هذه الثقافة أو يقضي عليها تماماً
·
التقييم يكون مرتبط بالنتائج
:
عندما يكون هناك خطة عمل واضحة ويتم تحديد الأهداف فيها
فهذا يسمح للموظفين الذين يعملون عن بعد في التركيز على النتائج المطلوبة دون الالتفات
إلى مكان العمل فخلق بيئة عمل تركز على النتائج يعني الانتقال من ثقافة "
أنهيت كل العمل المطلوب مني " إلى ثقافة " إليك النتائج التي أردنا
تحقيقها" وهذا بالطبع سوف يساعد
الشركة على تحقيق مردود أفضل على عكس الشائع اليوم بأننا نرى الموظفون مشغولين
بأداء العمل دون وضوح الهدف أو النتيجة .
·
تطوير القواعد والافتراضات الحالية :
مع مرور الوقت ووفق سياق العمل تتشكل مجموعة من القواعد غير
المكتوبة نتيجة التجارب والمواقف حول مكان
وزمان العمل وأسلوب الأداء وعادة ما يكون الموظف الجديد أكثر قدرة من زملاءه
القدامى على ملاحظة هذه الأمور بسهولة لذلك يُنصح هنا بالاستعانة باستشاري – مُيسر
خارجي - ليساعد الفريق على تقييم هذه
القواعد والافتراضات وتثبيت ماهو مجدي منها وسبب التوصية بهذا الإجراء هو أن المدير
أو القائد الحالي هو جزء من النظام القائم وقد يصعب عليه التشكيك في منظومة
القواعد والافتراضات هذه.
وللتوضيح فقد تتضمن منظومة القواعد غير المكتوبة مثلاً
: الوقت المنطقي للرد على الرسائل ، المواضيع التي تتطلب عقد اجتماع، مدة الاجتماعات
وكيفية إدارتها عن بعد ،ومواعيد التواجد على المكاتب لمتابعة العمل ومدى توافر الموظف بعد مواعيد العمل الرسمية
وغير ذلك
وأيضاً تكون افتراضاتنا الغير مدروسة مثل : إذا
لم أتمكن من رؤيتك تعمل فأنت لا تعمل بكل تأكيد ، إنه يعمل لساعات طويلة لذلك لابد
أنه ينجز أكثر ، إنه لا يستجيب بالسرعة التي أريدها لذلك هو غير مجتهد في أداء
عمله ...إلخ
·
لابد من الاتفاق على قيمة
" تحمل المسؤولية " وأن تعمل على غرسها لدى الجميع :
عند مناقشة طرق العمل الجديدة يمكن لأعضاء الفريق وضع
تصور معين لكيفية تنظيم وقتهم كيفما يريدون طالما يواصلون إنجاز أعمالهم حسب الخطة
, وهنا لابد من أن تحرص على تحديد المسؤوليات في مختلف مسارات العمل وتوضيح بعض الآليات
الخاصة بها كالمواعيد المنطقية للرد على العملاء ووسائل التواصل المتاحة بين أعضاء
الفريق والتقارير المطلوب تقديمها عن الإنجازات وكيفية التعامل مع القضايا العاجلة .
وهذا يأخذنا لنقطة مهمة وهي أن لابد من تحميل الموظفين
مسؤولية تنفيذ هذه الاتفاقيات وأن هذا الأمر لايقل أهمية عن الاتفاقية نفسها
ويقتضي تحمل المسؤولية وتنفيذها في هذا السياق التخلص من لغة التبرير التي يلجأ إليها
بعض الموظفين للتغطية على الأخطاء فيبدأ يضع اللوم بأششاء وحوادث خارجية حصلت ليبرر
هذا النقص .
·
التطبيق ثم المراقية
والتقييم ثم الضبط :
لابد من الإشارة هنا إلى أن التخوف من ثقافة العمل عن
بعد هو أمر طبيعي -عند الشركات أو حتى عند بعض الموظفين الذين يجدون صعوبة في
التخلي عن عادة العمل من الساعة التاسعة حتى الخامسة – لذلك نحن ندرك أن ثقافة
التحول هذه لا تتم بخطوة واحدة بل هي عملية تنجح من خلال التكرار والصقل لانجاح
عملية التغيير.
وكمثال ابدأ بتجربة سلوكيات جديدة لمعرفة مايصلح وما لا
يصلح والمشاعر المتولدة عنها كأن تبدأ يوم عملك الساعة 12 ظهراً أو حاول العمل مساءاً لو كنت من محبي السهر
ليلاً وقد سبق وذكرت في فيديو سابق مجموعة من القواعد الأساسية للعمل من المنزل
يمكن أن تفيدك في هذا السياق .
وفي ختام هذه التحسينة أقول لك :
من الواضح أن مستقبل الأعمال قريباً سيدعم ثقافة العمل
عن بُعد الذي أثبت أنه يحقق العديد من المزايا للموظفين والشركات وتساعد هذه
الاستراتيجيات التحسينية التي ذكرتها على جعل آلية العمل عن بُعد أكثر سلاسة وإنتاجية
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تشاركني تعليقك أو أي استفسار عن الموضوع ...